هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
احــلـى حيـاة بنعيشها لما اسلامنا يبقى كل حياتنا لما نخلي الدين والدنيا حاجة واحدة ولما نعمل في دنيتنا علشان نكسب دنيتنا واخرتنا(كنتم خير امة اخرجت للناس)
أيها الإنسان فُطِرت فطرة عالية، بحيث لو فعلت شيئاً سيئاً شعرت بالضيق، ترددت، حاك هذا في صدرك، كرهت أن يطّلع عليه الناس، من دون علم ومعلومات، من دون تدريس وتوجيه، من دون قراءة من دون خطابة، الله سبحانه وتعالى تفضّل على الإنسان ففطره فطرة عالي، بحيث إذا أساء عذبته فطرته، مرة ثانية : عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: ((سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ : الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ)) (صحيح مسلم)
إذاً نستنبط استنباطًا آخر: أن الفتوى وحدها من دون أن تطمئن وترتاح لها لا تنجيك من عذاب الله ، وأكبر دليل عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، وَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا )) (مسند الإمام أحمد)
إذاً هل من فتوى أعظم من أن يفتي النبي عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم وهو المشرّع وهو سيد الخلق ؟ لو انتزعت من فم النبي فتوى ولست محقاً، وحاك في صدرك، وتردد في صدرك، وشعرت بالحرج والضيق، وضاقت نفسك، ووخزك ضميرك، وانقبض قلبك، فالفتوى لا قيمة لها، لذلك قالوا: الفتوى تحتاج إلى تقوى، وقالوا: هناك فتوى، وهناك تقوى، فالتقوى أن تراقب الله عز وجل، وأن تجعل من اطمئنان قلبك ونفسك مقياساً صحيحاً لهذا الذي تقبله من الفتاوى أو تفتيه من الفتاوى.
أخ كريم وجد محضرًا في بعض أحياء دمشق الحساسة، استطاع بذكاء بارع أن ينزل بالمزاد بشكل تمثيلي ، فالمحضر مثلاً - هذه قصة من اثنتي عشرة سنة - سعره سبعمائة وخمسين ألفًا، تمكن من إنهائه بأربعمائة وخمسين ألفًا ! المزايدات قليلة جداً، ثم جاء يسألني قال: تمكنت أن أشتري هذا المحضر بمبلغ اقل من ثمنه الحقيقي بالثلث تقريباً ! فما الحكم الشرعي ؟ طبعاً بهذا المحضر، من أصحاب المحضر أيتام، قلت : لماذا جئت تسألني ؟ قال: لأنني متضايق، قلت له : هذا هو الجواب ! الإنسان عندما يسأل يكون منزعجًا وقلقًا ، لو فرضنا أنك عطشان ، وبرّاد الماء جاه، والكأس جاهزة، والماء بارد، وترغب بماء بارد ، وجسمك يحتمل الماء البارد ، شربت كأس ماء بارد ، ممكن أن تسأل عنها مفتيًا أنك فعلت شيئا خطأ ، هل لها مشكلة ؟ ما الحكم الشرعي ؟ هنا لا يهمك لأنها بديهية ، الحلال ليس له مشكلة، لا أحد يختلف عليه، لا أحد يسال عنه، أولادك يطلبون الفاصولياء، أحضرت الفاصولياء واللحمة ، وطهيتهم ، وأكلتم فاصولياء ورزا ، هل يلزم هذه سؤال مفتٍ؟ بديهي ، فعندما تسأل يعني هذا أنك قلق ، لماذا ؟ لأنه أصبح هناك تردد ، بمجرد أن تسأل أنت قلق ، لذلك قالوا: نفي الشيء أحد فروع تصوره .
إذا باعك أحدهم شيئًا قال لك: أنا لم أرفع الثمن عليك، معنى هذا أنه رفع الثمن عليك! هو شعر بوخز ضمير فبادر إلى النفي، وهذا النفي إثبات، أحياناً الإنسان الذي ينفيه كأنه يثبته! لذلك قالوا: نفي الشيء أحد فروع تصوره.
هناك رواية ثانية: قال: سمعت وابصة، وذكر الحديث مختصراً، ولفظ الحديث المختصر: ((البر ما انشرح له الصدر، والإثم ما حاك في صدرك، وإن أفتاك عنه الناس))
أحياناً الإنسان يستفتي إنسان يتلقى الفتوى لصالحه، وتجده يبحث عن إنسان آخر يسأله، وتأتي الفتوى الثانية لصالحه، يبحث عن إنسان صالح، هذا البحث والتجول بين المفتين دليل قلق. عن وائل ابن الأتقع رضي الله عنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : ((أفتني عن أمر لا أسأل عنه أحداً بعدك ، فقال عليه الصلاة والسلام : استفتِ نفسك ، قلت : كيف لي بذلك ؟ قال : تدع ما يريبك إلى مالا يريبك ، وإن أفتاك المفتون ، قلت : كيف بذلك ؟ قال : تضع يدك على قلبك فإن الفؤاد ليسكن للحلال ، ولا يسكن للحرام)) . الفؤاد يسكن ويرتاح للحلال، ولا يسكن ولا يرتاح للحرام .